تحميل كتاب الذرة الرفيعة الحمراء لــ مو يان
على ضفاف النهر امتدت قرية قو مي وعليه أيضا نمت أغصان الذرة الرفيعة الحمراء وهناك مرت ثلاثة أجيال كانوا أبطالا لهذه الرواية الفذة
الزمان وقت الحرب الصينية واليابانية الممتد من عام 1937 وحتى عام 1945 حين غزت اليابان أراضي الصين وهذه الرواية أُريد بها أن تكون ملحمة بطولية مهداة لكل من أريقت دمائه ودفن تحت تلك الحقول التي إرتوت بالدماء وسكنتها الجثث في مقابر جماعية ..
قسم الكاتب الكتاب لخمسة فصول يكاد كل فصل منها أن يكون رواية مستقلة وإن كانت الشخصيات مرتبطة والأحداث كذلك .. وفي هذا كل البراعة
كما إن السرد كان يأتي ويذهب .. أعني إن الزمن يمضي وإذ بنا نعود للخلف إو نمضي فنجد فلانا شيخا كبيرا .. إن المشاهد كانت أشبه بلوحات تُكمل بعضها البعض لكن سيكون عليك ترتيبها ..
راوي القصة هو الحفيد فجاءت مسميات الشخصيات على شكل أبي وجدي وعمتي وزوجة جدي وابنة جدي إلا أن مركز القصة هو يو الجد قاطع الطريق الذي تحول لمناضل ضد الغزو الياباني من بعد أن كان أجيرا يحمل عروسا لزوجها ليقع في غرامها ويختطفها لتبدأ بعد قصة الحب بين أغصان حقول الذرة الرفيعة الحمراء والكثير من القصص الملونة باللون الأحمر
الكلب الأحمر النبيذ الأحمر لون الدم ولون الحب
البذور التي أنتجت تلك الذرة الرفيعة مثلت الحياة وحين استطالت ونمت شاخت مثلت الموت .. كما كان الأحمر يمثل الحب والزعامة مثل أيضا الدم والخيانة والموت
هذه الرواية العظيمة لم تكن رواية قدم فيها مو يان فقط الصراع الدموي بين اليابان والصين فهي وإن امتلئت بالكثير من المشاهد العنيفة إلا إنها قدمت قصة جميلة للحب والغيرة في أجواء مفعمة بالسحر والأسطورة
برع الروائي مون يان في وصف الأمكنة القرية وبيئة مصنع النبيذ ومجتمع الفلاحين والذي دارت فيه الأحداث لا سيما إنه ولد في نفس القرية كما برع في بناء الشخصيات بدءا من شخصية الجدة بتناقضاتها وجنونها وغيرتها الجدة العروس التي تزوجت رجلا أبرصا وخفق قلبها للأجير الذي يحملها لزوجها الجدة الشخصية الساحرة والمهابة والمجنونة بشرب النبيذ الفائقة الجمال ذات القدمين الصغيرتين واللتين تمثلان الأنوثة والإغراء في ثقافة الرجل الصيني
إنتهاءا بشخصية الراوي الحفيد والذي ظهر كالشخص الغامض والذي لم يحصل حتى على اسما .. كما إن مون يان كان فاتنا وهو يروي طقوس الزواج وطقوس الجنازة في المجتمع الصيني وأجده وصل إلى قمة إبداعه حين دخل إلى مجتمع الكلاب بألوانهم الغريبة وتصرفاتهم الحيوانية فهاهو الكلب الصديق الوفي للإنسان يتخلى عن وفائه ويتحول لحيوان بالغ الشراسة فقد تحولت الكلاب من أصدقاء يعيشون في حظيرة إلى أعداء تنهش الجثث وتقضم فريستها في وقت الحرب ولعل في ذلك إشارة إلى الدول الجارة التي غدرت بهم أو العملاء الذين إنحازوا للمستعمر من أجل حماية مصالحهم ..
كما إن الصيني الذي لا يتورع عن أكل الكلاب فإن الكلاب لا تتورع عن أكله أيضا فيم لو تحينت لهم الفرصة
بالنسبة لترجمة الرواية فإنني يمكنني القول إنها جيدة وجهد مقدر للمترجم مع ذلك أثق إنها لو ترجمت بيد مترجم متمرس في هذا النوع من الأدب لفاقت روعتها كل حد .. أزعجتني الأمثال العربية التي يقحمها المترجم في النص